أكد قائد “أنصار الله” السيد عبد الملك بدر الدين الحوثي أن ما يتعرض له الشعب الفلسطيني اليوم، وما تمارسه قوات الاحتلال الإسرائيلي من اعتداءات متواصلة في غزة ولبنان وسوريا، يأتي في سياق تثبيت “معادلة الاستباحة” التي تسعى الولايات المتحدة والكيان الإسرائيلي إلى فرضها على كل دول المنطقة، مشددًا على ضرورة أن يكون موقف الأمة هو دعم خيار المقاومة والجهاد ومساندة المجاهدين على مختلف المستويات.
وفي خطاب تناول فيه آخر تطورات العدوان الإسرائيلي على غزة، والتداعيات الإقليمية والدولية المرافقة له، قال السيد الحوثي إن التوجه الرسمي لغالبية الأنظمة والحكومات، ومعها وسائلها الإعلامية، يتجه نحو “تجريم وتشويه خيار الجهاد”، في مقابل ترويج اليأس والخضوع والتسليم للعدو الإسرائيلي.
وأكد أن الإعلام والموقف السياسي لكثير من الأنظمة العربية والإسلامية، إضافةً إلى السلطة الفلسطينية “الوهمية”، ينخرط في حملات دعائية مكثفة لتبرير التراجع والانهيار، وتصوير خيار الجهاد وكأنه خيار انتحاري.
وأشار إلى أن كلمة المندوب السعودي في الكنيست الإسرائيلي مؤخراً تعكس هذا المنحى الاستسلامي، حيث جاءت “منطلقة من اليأس والهزيمة والخضوع أمام العدو الإسرائيلي”، وهو ما يمثل انخراطًا مباشرًا في مشروع تغيير الشرق الأوسط الذي يُبنى منذ عام 2005 على قاعدة تمكين الكيان الإسرائيلي من السيطرة المطلقة على المنطقة.
وتناول السيد الحوثي استمرار الاعتداءات الإسرائيلية على لبنان، موضحًا أن العدو كثّف غاراته هذا الأسبوع، في ظل مساعٍ أميركية حثيثة لدفع بعض القوى اللبنانية إلى تبنّي الطرح الإسرائيلي، الداعي إلى تجريد لبنان من سلاح مقاومته. ولفت إلى أن بعض القوى اللبنانية، بتوجيه أميركي، تتجاهل التزامات العدو تجاه اتفاق وقف إطلاق النار مع الدولة اللبنانية، في محاولة لفرض معادلة جديدة من الهيمنة.
وفي الشأن السوري، شدّد السيد الحوثي على أن العدوان الإسرائيلي متواصل رغم المسار المعلن للتطبيع من قبل الجهات المسيطرة على السلطة، مشيرًا إلى أن التصعيد الإسرائيلي الأخير في دمشق يهدف إلى تثبيت معادلة الاستباحة دون رد فعل، وهي معادلة تسعى “إسرائيل” وواشنطن إلى فرضها على مستوى المنطقة بأكملها، بما يحقق أهداف السيطرة والاحتلال والجبروت.
وقال إن “العدو الإسرائيلي يريد من الأمة أن تقبل بأن تكون مستذلّة، مستعبدة، مقهورة ومستباحة”، مضيفًا أن من أخطر المعادلات التي يسعى العدو لتكريسها في سوريا، هي فرض دور له في الشأن الداخلي السوري بذريعة “حماية الدروز والأقليات”، وهو ما يستثمر فيه العدو نتيجة السياسات الخاطئة للجماعات المسلحة، التي تعاملت مع الأقليات بمنطق طائفي ومناطقي.
ودعا السيد الحوثي الجماعات المسيطرة في سوريا إلى تغيير نهجها في الداخل، ونزع الذرائع التي تمنح العدو الإسرائيلي فرص التدخل، محذرًا الأقليات والطوائف من الوقوع في فخ الاستغلال الإسرائيلي، قائلاً إن “العدو طامع لا ناصح، وهو يعمل على خلق الأزمات ليحصد نتائجها بما يخدم مشاريعه”.
وكشف السيد الحوثي أن الاحتلال الإسرائيلي يسعى لفرض سيطرة أمنية على مناطق واسعة من جنوب سوريا، تمتد حتى مشارف دمشق، حيث أنشأ أكثر من ثماني قواعد عسكرية شمالي القنيطرة، إضافة إلى ممر ترابي محصّن يربط هذه القواعد والنقاط العسكرية.
وأضاف أن من بين المعادلات التي يسعى العدو لفرضها أيضًا، التحكم الكامل في التوجهات والعلاقات الداخلية لسوريا، بما في ذلك حجم التسليح والسياسات العامة، بما يضمن مصالحه ويثبّت هيمنته في المنطقة.
وفي سياق متصل، نوّه السيد الحوثي إلى مواقف تضامنية لافتة مع الشعب الفلسطيني، كان أبرزها ما قام به عمّال مرفأ “بيرايوس” في اليونان، الذين رفضوا تفريغ سفينة حاويات تحمل فولاذًا عسكريًا مخصصًا للعدو الإسرائيلي. كما أشار إلى انطلاق سفينة جديدة ضمن “أسطول الحرية” في خطوة رمزية تهدف إلى كسر الحصار عن قطاع غزة.
وشدد السيد الحوثي على أن “المرحلة تتطلب من الأمة موقفًا صريحًا وجادًا لدعم المجاهدين ومواجهة مشاريع الهيمنة الأميركية والإسرائيلية”، مؤكدًا أن خيار الجهاد هو الخيار الفاعل القادر على حماية الكرامة والسيادة، وكسر معادلة الاستباحة التي يسعى العدو إلى فرضها.
الإبادة الجماعية في غزة هدف إسرائيلي أميركي مشترك وتمويلها يتم بأموال عربية
وأكد السيد عبد الملك بدر الدين الحوثي أن العدو الإسرائيلي يواصل ارتكاب الإبادة الجماعية بحق الشعب الفلسطيني في قطاع غزة، مشيرًا إلى أن سلوكه الإجرامي اليومي يكشف بوضوح أن القضاء على الشعب الفلسطيني هدف مركزي للكيان الإسرائيلي، وأنه يسعى إلى مراكمة سجله الإجرامي عبر التدمير الشامل والتجريف الكامل للمدن والأحياء السكنية ونسف كل مقومات الحياة في القطاع.
وقال السيد الحوثي إن عمليات الإبادة الجماعية لا تطال أفرادًا فحسب، بل تستهدف المجتمع بأسره، وقد أدّت إلى محو عائلات بأكملها من السجل المدني، وانخفاض معدّل الولادات بنسبة 41% مقارنة بالعام الماضي، فضلًا عن تراجع عدد السكان في غزة بنسبة 10%، وهي مؤشرات وصفها بـ”الخطيرة جدًا” وتكشف حجم الإجرام الإسرائيلي.
وأضاف أن الكيان الإسرائيلي يستخدم القنابل الأميركية بكثافة تفوق حتى استخدامه للرصاص، مشيرًا إلى أن الولايات المتحدة تزوّد العدو بهذه القنابل في شحنات لا تنقطع، وبزخم عسكري كبير، معتمدًا في ذلك على تمويل ضخم.
وتابع بالقول: “من المؤسف جدًا أن تكون الأموال العربية من أبرز مصادر تمويل هذه القنابل، عندما تُضخ إلى الولايات المتحدة بتريليونات الدولارات تحت عنوان الاستثمارات، لتتحول لاحقًا إلى أدوات لقتل الشعب الفلسطيني”.
ورأى السيد الحوثي أن هذه المشاركة المالية العربية تشكل مساهمة خطيرة في سفك دماء الفلسطينيين، محذرًا من أن العدوان على غزة “يكاد يكون عدوانًا أميركيًا تُنفّذه إسرائيل”، في ضوء ما تقدّمه واشنطن من دعم مفتوح على المستويات السياسية والعسكرية والمعلوماتية، فضلًا عن دورها في التخطيط والضغط على بلدان أخرى لدعم الاحتلال الإسرائيلي أو السكوت عن جرائمه.
وفي هذا السياق، أشار إلى أن موقف الولايات المتحدة في مجلس الأمن يؤكد مضيها في دعم الإبادة الجماعية ضد الشعب الفلسطيني، موضحًا أن الجرائم المرتكبة في غزة ولبنان وسوريا وغيرها من البلدان العربية جاءت بمشاركة مباشرة من واشنطن.
وشدد السيد الحوثي على أن السلوك الأميركي ليس رد فعل طارئًا أو موقفًا تكتيكيًا مرتبطًا بشخص رئيس، بل هو نهج استراتيجي ثابت نابع من التزام واضح بالعقيدة الصهيونية، موضحًا أن “الأميركي يتبنى كل ما يقوم به الإسرائيلي ويدعمه ويشاركه فيه لأنه يتحرك وفق المخطط الصهيوني العدواني تجاه الأمة”.
ولفت إلى أن الأميركي والإسرائيلي يعملان على مصادرة حرية الأمة واستقلالها ومقدساتها، ويسعيان إلى طمس هويتها واحتلال أوطانها. ودعا إلى النظر إلى الولايات المتحدة ببصيرة تستند إلى الحقائق والقرآن الكريم، ورفض الصورة المضلّلة التي تسوّق لها معظم الأنظمة العربية ووسائل الإعلام، والتي تصوّر الأميركي كشريك يمكن التعويل عليه.
وأشار السيد الحوثي إلى أن البعض ما زال يراهن على تغيّر الموقف الأميركي لصالح القضية الفلسطينية، ويسوّق للجوء إليه والارتماء في أحضانه، معتبرًا أن هذا الرهان يعكس “غباءً رهيبًا”، وأن عدم رؤية الحقائق الواضحة عن السلوك الأميركي يشير إلى “تيه خطير” في الوعي السياسي للأمة.
واعتبر أن الالتباس في التمييز بين العدو والصديق في قضايا بهذه الدرجة من الوضوح يُعدّ من أشد أشكال الغباء السياسي، وله تبعات مهلكة على واقع الأمة ومستقبل شعوبها.
أكثر من 200 ألف ضحية في غزة خلال 643 يومًا… والعدو الإسرائيلي يمارس إبادة شاملة بدعم أميركي وصمت عربي
وفي السياق، شدّد قائد “أنصار الله” على أن العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة بلغ مستويات غير مسبوقة من الوحشية والإبادة، مؤكدًا أن العدو لا يتورع عن استباحة النفس البشرية، ويواصل سياساته التدميرية تحت غطاء أميركي وصمت دولي وعربي مخزٍ.
ولفت السيد الحوثي إلى أن الأرقام الضخمة لضحايا الحرب تتجاوز 200 ألف شهيد وجريح ومفقود على مدى 643 يومًا، مؤكدًا أن “ما يجري في غزة لا مثيل له في التاريخ المعاصر، وهو مشهد يعكس أقسى أنواع المظلومية الإنسانية”.
وحذّر السيد الحوثي من سياسة التعويل على الولايات المتحدة، معتبرًا أن الولاء لها يترتب عليه “اختلالات كبيرة جدًا في التوجهات والأخلاق والقيم، على حساب مبادئ الدين الإسلامي”، مشددًا على أن من “أبشع أشكال الغباء هو ما يكون تجاه حقائق واضحة، كحال العدوانية الأميركية”.
وقال إن “هندسة الجوع ومصائد الإبادة” تمارسها الولايات المتحدة والكيان الإسرائيلي تحت شعارات إنسانية زائفة، مضيفًا أن “العدو الإسرائيلي يمنع دخول الوقود اللازم لتشغيل آبار المياه والمستشفيات، ويحوّل مهمة توفير مياه الشرب إلى مغامرة، ويستمر في استخدام كل وسائل الإبادة والتجويع والقتل المنهجي ضد سكان القطاع”.
وأشار إلى أن العدو يواصل تقطيع أوصال قطاع غزة، وقد فتح هذا الأسبوع محورًا جديدًا يفصل بين شرق مدينة خان يونس وغربها، مضيفًا أن الاحتلال يمعن في الفصل الجغرافي بين مناطق القطاع، مع تنفيذ عمليات تدمير وتجريف ممنهجة، بلغت حد استقدام مقاولين لنسف ما تبقى من المباني والمساكن، بينما تواصل الولايات المتحدة تزويده بالجرافات في شحنات لا تتوقف.
وتابع السيد الحوثي أن “ما يمارسه العدو من استباحة كاملة للإنسان في غزة هو جناية على البشرية جمعاء”، منتقدًا الصمت المريب لدى كثير من شعوب الأمة الإسلامية، التي وصف حالها بأنها “تعبر عن موت الضمائر وفقدان القيم والإيمان”.
وأضاف: “الكثير من أبناء أمتنا الإسلامية، قبل غيرهم من الأمم، يتعاملون مع ما يجري في غزة وكأنهم صمٌ بكمٌ عميٌ، وهذا يعكس درجة مقلقة من التبلد الأخلاقي”، معتبرًا أن عدم التفاعل مع الجرائم المرتكبة في غزة يدل على فقدان القيمة الإنسانية، التي تقوم على الفطرة الإلهية والتمييز بين الخير والشر.
وأكد أن “الإسرائيليين لا يُعيرون أي اعتبار للمواثيق الدولية أو شرعة الأمم المتحدة التي اعترفت بكيانهم، بل يتنكرون للأعراف والشرع والقيم، ولا يلتزمون بأي ضوابط أخلاقية أو قانونية”، مضيفًا أن “اليهود مسرفون حتى في سفك الدماء، ولا يرعوون لأي شيء، ويُظهرون استخفافًا تامًا بالقانون الدولي”.
وشدد السيد الحوثي على أن “الإسرائيلي والأميركي لا يقيمان وزنًا لحياة البشر، ويتعاملان معها باعتبارها مباحة وفق رغباتهما أو مصالحهما”، محذرًا من أن “تجاهل الشعوب لما يجري هو إفلاس أخلاقي واستهانة بالحياة البشرية، ومن يسكت عن هذه الجرائم يقبل بأن يكون السلوك الإجرامي سائدًا في منطقتنا”.
وقال إن “الالتفاف على هذه الحقائق أو تبريرها، هو ضياع للبوصلة الأخلاقية، وخذلان للأمة، وجريمة بحق الإنسان والإنسانية”.
المجاهدون في فلسطين أحبطوا مشروع الاحتلال وقدموا نموذجًا ملهمًا والعدو يعاني من أزمة بشرية خانقة
وفي الإطار، أكد السيد عبد الملك بدر الدين الحوثي أن العدو الإسرائيلي يواصل عدوانه الشامل ضد الشعب الفلسطيني، مستهدفًا مقدساته ووجوده وهويته، مشددًا على أن المجاهدين في فلسطين نجحوا في التصدي لهذا المشروع الإجرامي وألحقوا به هزائم كبرى، ما أدى إلى أزمة متفاقمة في قواه البشرية، وارتباك في مسار تجنيد “الحريديم”.
وفي كلمة تناول فيها آخر تطورات العدوان الإسرائيلي على غزة، والانتهاكات المتواصلة في الضفة الغربية والقدس، قال السيد الحوثي إن العدو يواصل بشكل يومي استباحته للمسجد الأقصى عبر تنظيم اقتحامات جماعية لباحاته، مشيرًا إلى أن “تحول هذا المشهد إلى حالة اعتيادية لدى الكثيرين من أبناء الأمة أمر خطير جدًا، ويعبّر عن حالة من التبلد واللامبالاة تجاه القضايا المركزية”.
وأوضح أن العدو الإسرائيلي يعمل بخطوات متسارعة لتهويد مدينة القدس، حيث أعلن مؤخرًا عن تنظيم مهرجان سينمائي جنوب أسوار البلدة القديمة في إطار فرض الطابع اليهودي على المدينة، كما عمد إلى سحب صلاحيات بلدية الخليل المتعلقة بالمسجد الإبراهيمي، في خطوة جديدة ضمن مسار تهويد الحرم الإبراهيمي.
وأشار السيد الحوثي إلى أن الاحتلال يواصل في الضفة الغربية ارتكاب كل أشكال الجرائم من تدمير وتهجير للسكان، واغتصاب الأراضي الفلسطينية عبر إنشاء بؤر استيطانية جديدة، فضلًا عن السعي لتقطيع أوصال الضفة وتحويل مدنها وبلداتها إلى جزر معزولة.
وأكد أن العدو الإسرائيلي يستهدف مصادر الحياة الأساسية، وقد أقدم مؤخرًا على تخريب آبار المياه في القدس المحتلة، رغم كونها المصدر الوحيد لتزويد عشرات القرى والتجمعات الفلسطينية بالماء، وهو ما يندرج ضمن سياسة ممنهجة لإضعاف صمود الشعب الفلسطيني.
وحذّر السيد الحوثي من الاستمرار في الرهان على مسار التسوية والتطبيع، معتبرًا أن إصرار السلطة الفلسطينية وبعض الأنظمة على السير في هذا الاتجاه ثبت فشله، في ظل وضوح الموقف الإسرائيلي الرافض لإقامة دولة فلسطينية في الضفة أو في غيرها.
وفي المقابل، أشاد السيد الحوثي بأداء المجاهدين في قطاع غزة، مؤكدًا أنهم يتصدون ببسالة نادرة للعدو الإسرائيلي، وينفذون عمليات بطولية بخطط تكتيكية محكمة وفاعلية عالية، ما ألحق بالعدو خسائر فادحة وأعاقه عن توسيع معركته إلى بقية بلدان المنطقة.
وتوقف السيد الحوثي عند سيرة القائد الشهيد محمد الضيف، قائد كتائب القسام، واصفًا إياه بأنه “رائد من رواد مدرسة الجهاد في فلسطين، ونموذج ملهم في الأداء الجهادي الراقي والناجح”، مشيرًا إلى أن “الشهيد الضيف ورفاقه بدأوا من نقطة الصفر، وفي ظروف بالغة الصعوبة، لكنهم تمكنوا من بناء قوة مؤثرة وتحقيق إنجازات كبيرة”.
واعتبر أن من أهم ما تحتاجه الأمة الإسلامية اليوم هو استلهام النماذج الجهادية الملهمة كالمجاهد الضيف ورفاقه، لأن خيار الجهاد في سبيل الله أثبت فاعليته ونتائجه الملموسة، مشيرًا إلى أن هذه الحركات المجاهدة نمت في بيئة قاسية وبإمكانات محدودة، لكنها راكمت قدرات وخبرات وإنجازات كبيرة.
وأكد السيد الحوثي أن المجاهدين في فلسطين كانوا سدًا منيعًا حال دون انتقال المعركة إلى بقية بلدان الأمة، وشكّلوا جسرًا حاميًا لم تستطع إسرائيل تجاوزه، كما حافظوا على القضية الفلسطينية من الاندثار في ظل خيار المساومات الذي أثبت فشله.
وأكد أن فشل العدو الإسرائيلي طوال 21 شهرًا من العدوان، هو دليل واضح على فاعلية الخيار الجهادي، مشيرًا إلى أن الاحتلال يعاني اليوم من أزمة حقيقية في موارده البشرية، ما أفضى إلى مشكلة إضافية في ما يخص تجنيد فئة “الحريديم”، وهو ما يكشف ارتباكًا داخليًا حادًا في بنية العدو.
نفذنا 11 عملية استهدفت مواقع إسرائيلية وعملياتنا مستمرة لفرض الحظر على الملاحة المرتبطة بالكيان
وأكّد السيد عبدالملك بدرالدين الحوثي، أنّ جبهة الإسناد من اليمن نفّذت خلال الأسبوع الجاري 11 عملية نوعية باستخدام صواريخ فرط صوتية وطائرات مسيّرة، استهدفت مواقع عسكرية واقتصادية تابعة للكيان الإسرائيلي في يافا والنقب وأم الرشراش داخل الأراضي الفلسطينية المحتلة.
وأوضح السيد الحوثي أنّ من أبرز العمليات التي نُفّذت خلال الأسبوع، عملية إغراق سفينتين تابعتين لشركتين خالفتا قرار الحظر اليمني على الملاحة المرتبطة بالاحتلال الإسرائيلي في البحر الأحمر، مشيرًا إلى أن هذه العملية أدّت إلى إغلاق ميناء أم الرشراش مجددًا، بعد محاولة الاحتلال إعادة تشغيله.
ووصف السيد الحوثي هذه العملية بأنها شكّلت “ردعًا ورسالة قوية” إلى جميع الشركات البحرية التي تنتهك قرار الحظر اليمني، مؤكدًا أنّ القوات المسلحة اليمنية “جادة في استهداف أي سفن تابعة لتلك الشركات المخالفة كلما سنحت الفرصة ضمن مسرح العمليات”.
وأكد قائد أنصار الله استمرار العمليات العسكرية من اليمن دعمًا للشعب الفلسطيني في قطاع غزة، مشددًا على أن الموقف اليمني “ثابت في مواجهة العدوان الإسرائيلي، ولن يتوقف عن استهداف المصالح المرتبطة بالاحتلال طالما استمرت الحرب على غزة”.
السيد الحوثي يشيد بموقف مفتي سلطنة عمان ويدعو إلى تظاهرة مليونية نصرةً لفلسطين
ودعا السيد عبد الملك بدر الدين الحوثي، إلى خروج مليوني واسع يوم غد في العاصمة صنعاء وسائر المحافظات اليمنية، تعبيرًا عن الثبات على الموقف الحق، ومواصلةً للجهاد في سبيل الله، ونصرةً للشعب الفلسطيني المظلوم في مواجهة العدوان الإسرائيلي المتواصل على غزة.
وثمّن السيد الحوثي الموقف الجريء والصريح لسماحة مفتي سلطنة عُمان، مشيدًا بإشادته العلنية بالعمليات اليمنية المساندة للشعب الفلسطيني. ووصف سماحته بأنه من “النماذج القوية من علماء المسلمين”، معتبرًا أن الأصوات الصادحة من العلماء الذين يذكّرون الأمة بمسؤولياتها في نصرة فلسطين والوقوف في وجه أعداء الله، هي أصوات نادرة.
وأشار السيد الحوثي إلى أن مفتي سلطنة عُمان يسند القضية الفلسطينية بمواقف واضحة وجريئة وشجاعة، معتبرًا أن ذلك “موقف مشرف يعبر عن وعي إيماني عميق”.
وفي السياق الشعبي، أعلن السيد الحوثي أنّ عدد المسيرات والوقفات الاحتجاجية التي شهدها اليمن خلال الأسبوع الماضي بلغ 1229 فعالية، بينها مظاهرة كبرى نظمتها جامعة صنعاء يوم أمس. واعتبر أن هذا الزخم الشعبي المستمر، رغم الضغوط والحصار الاقتصادي والحملات الإعلامية، يعكس مصداقية الانتماء الإيماني للشعب اليمني، الذي يواصل التحرك دون كلل أو فتور.
وأكد أن التحرك الجهادي يجب أن يُؤطَّر بروح إيمانية لا تعرف الملل، لافتًا إلى أن حالة القعود والركود التي تشهدها بعض شعوب الأمة أشبه بالموت، ولا يجوز القبول بها. واعتبر أن ما يقوم به الشعب اليمني من مواقف مشرفة ونصرة لغزة هو “نعمة كبيرة جدًا”، لم تتأثر بما أصاب شعوبًا أخرى من تراجع أو خنوع.
وأوضح أن كثيرًا من أبناء الأمة مكبلون بالمخاوف من أمريكا والكيان الإسرائيلي، إلى درجة أن هذه المخاوف أنستهم الخوف من الله، وقصّرت بهم عن أداء مسؤولياتهم الدينية والأخلاقية. وأضاف: “شعبنا آمن بمعادلة أن الذي يجب أن نخافه هو عذاب الله، وأن نحسب حساب الله قبل كل شيء”.
واعتبر السيد الحوثي أن الثقة بالله والاستجابة لتوجيهاته كفيلة بوضع الشعوب في موقف القوة، حتى في حال تعرضهم للعدوان، إذ يمكنهم بالمقابل أن يُنزلوا بأعدائهم ضربات موجعة. وشدد على أن مشكلة الأمة ليست في ضعف إمكاناتها، بل في توجهاتها ومواقفها، مؤكدًا أن من يتوكل على الله يمكنه أن يكون في الموقع الأقوى مهما كانت قدرات العدو.
وانتقد السيد الحوثي ما وصفه بـ”التخويف الممنهج” في وسائل الإعلام العربية من الولايات المتحدة، معتبرًا أن الهدف من ذلك هو تيئيس الشعوب وإقناعها بعدم إمكانية المواجهة. وقال إن المؤمنين يثقون بوعد الله بالنصر، ويحتسبون كل عناء في سبيله، ويدركون أن له عاقبة عظيمة.
وفي حديثه عن مواقف الأنظمة العربية، قال إن العديد منها يبيع الدين والكرامة مقابل مصالح وقتية وزائفة، ولا تتحقق لهم كما يأملون. وأضاف أن هذه الأنظمة تسعى إلى استرضاء أمريكا والكيان الإسرائيلي وهمًا بأنها ستجني من ذلك منافع سياسية أو اقتصادية.
وأكد السيد الحوثي أن الشعب اليمني لم يُعَمَ عن الحقائق، بل أبصرها من خلال القرآن الكريم، وفهم واقع العدو وأهدافه بوعي وبصيرة. كما رفض الشعب ـ بحسب الحوثي ـ التبريرات التي يسوقها البعض لتغطية انحرافاتهم، والتي تنبع من اليأس أو الهزيمة أو الولاء للأعداء.
وشدد السيد الحوثي على أهمية الاستمرار في الدعاء والرجوع إلى الله، باعتبار ذلك من أهم مقومات الانطلاقة الإيمانية الصحيحة. وجدّد دعوته لخروج مليوني واسع في صنعاء وسائر المحافظات اليمنية يوم غد، “ليكون خروجًا عظيمًا، كبيرًا، مشرفًا، يعبّر عن الثبات على الموقف الإيماني، ونصرة للشعب الفلسطيني المظلوم”.
المصدر: موقع المنار