تعد المدمرة “سهند” واحدة من أبرز السفن الحربية التي أنتجتها الصناعات البحرية الإيرانية خلال السنوات الأخيرة، وقد صُممت لتكون سفينة قتالية متعددة المهام، قادرة على تنفيذ عمليات هجومية ودفاعية، إضافة إلى مهام الاستطلاع والدعم البحري، في حين يعكس تصميمها وعتادها مستوى التطوير الذي وصلت إليه القدرات البحرية محليًا.
تتميز “سهند” بتصميم يقلل من بصمتها الرادارية، أي يجعلها أقل قابلية للكشف من قبل رادارات الخصم، وهو ما يعرف بالتصميم الشبحي (Stealth Design)، ويظهر ذلك في خطوط هيكلها الملساء وتقليل البروزات الخارجية، مما يمنحها قدرة أفضل على الاقتراب من مناطق العمليات دون رصد مبكر.
إنّ طول “سهند” يقارب 95 مترا، ووزنها يتراوح بين 1,200 و1,500 طن، مما يضعها في فئة المدمرات خفيفة–متوسطة، وسرعتها تصل إلى نحو 30 عقدة (العقدة = 1.8 كم/ساعة تقريبا).
تمتلك “سهند” محركات ديزل قوية تمنحها سرعة مناسبة مع كفاءة في استهلاك الوقود، ما يجعلها قادرة على تنفيذ دوريات طويلة في المياه البعيدة.
كما إنّ “سهند” مزودة بحزمة أسلحة متوازنة تمكنها من التعامل مع مجموعة واسعة من التهديدات البحرية، وتستخدم صواريخ “قادر” أو نماذج مكافئة، وهي صواريخ سطح–سطح (Surface-to-Surface) مخصصة لضرب السفن على مسافات بعيدة، وتعد السلاح الهجومي الأبرز في السفينة.
أما المدفع الرئيسي، فهو عيار 76 ملم، يستخدم للتعامل مع السفن الصغيرة، والأهداف الجوية القريبة، وحتى الأهداف الساحلية، وتستخدم أنظمة الدفاع القريب مثل نظام كامند (CIWS – Close-In Weapon System)، وهو نظام دفاع قريب مخصص لاعتراض الصواريخ والطائرات المسيّرة عند مسافات قصيرة جدا.
إضافة إلى ذلك، فإنّ مجموعة من الطوربيدات المضادة للغواصات (Anti-Submarine Torpedoes)، تمنح “سهند” قدرة على التعامل مع تهديدات الأعماق.
و”سهند” مزودة بمنظومات دفاع جوي تشمل صواريخ “صياد-3” (Sayyad-3): صواريخ سطح–جو (Surface-to-Air) متوسطة المدى، ومنظومة “نوّاب” (Navvab): نظام دفاع جوي قصير المدى للتعامل مع الطائرات والمسيّرات.
تهدف هذه الأنظمة إلى توفير حماية فعالة للسفينة ضد التهديدات الجوية بمختلف أنواعها، مثل تقنيات الرصد والحرب الإلكتروني، وتمتلك “سهند” رادارات متعددة الوظائف قادرة على أنكشف وتتبع الأهداف الجوية والبحرية، إدارة إطلاق الصواريخ والمدافع، وتوفير صورة تكتيكية دقيقة لمحيط العمليات.
كما تحتوي على أنظمة حرب إلكترونية (Electronic Warfare) تستخدم للتشويش على خصومها، وإخفاء إشاراتها، وحمايتها من محاولات الاستطلاع الإلكتروني.
تمثل “سهند” مثالا لسفينة حربية محلية حديثة تجمع بين المرونة، القوة النارية، والحماية الذاتية. تصميمها المتطور وأنظمتها المتعددة يجعلها قادرة على أداء دور مهم ضمن مهام الأسطول البحري، سواء في المياه الإقليمية أو في نطاقات أوسع.
القيادة البحرية تعلن ضمّ القاعدة العائمة الإستراتيجية “كردستان”
وفي السياق أعلنت القيادة البحرية الإيرانية ايضاً عن ضم قاعدة عائمة جديدة تحمل اسم “كردستان”، ووصفتها بأنها منصة لوجستية واستراتيجية قادرة على دعم وحدات الأسطول أثناء عملياتها في المناطق البحرية البعيدة.
والقاعدة العائمة هي منشأة بحرية كبيرة تعمل كميناء متحرك في عرض البحر، وتوفّر مجموعة واسعة من الخدمات تشمل التموين بالوقود والمؤن وقطع الغيار، والصيانة الميدانية، والدعم الطبي، إضافة إلى مراكز اتصالات ومنصات للطائرات المروحية والطائرات المسيّرة. وتتيح هذه القدرات للسفن العمل فترات أطول دون الحاجة إلى العودة للموانئ.
وتشكل “كردستان” منصة متقدمة صمّمت لتعزيز حضور الأسطول الإيراني خارج المياه الإقليمية. وتعمل القاعدة على تزويد الوحدات البحرية بالاحتياجات التشغيلية الأساسية، وتقديم الإسناد السريع خلال المهمات، إلى جانب دعم عمليات حماية السفن وتأمين خطوط الملاحة.
كما تسهم في توسيع نطاق أنشطة الأسطول بما يشمل الدعم الجوي والإنقاذ والإسناد الطبي، مما يمنح البحرية قدرة أكبر على تنفيذ مهام طويلة المدى في عمق البحار.
وتتمتع القاعدة بمجموعة واسعة من الوظائف، أبرزها “دعم لوجستي شامل عبر تزويد السفن بالوقود والمؤن وقطع الغيار، وتنفيذ إصلاحات ميدانية ضرورية، ومنصات جوية متعددة لتشغيل الطائرات المسيّرة وتسهيل مهام الاستطلاع والدعم الجوي، وقدرات طبية وإنقاذ عبر تجهيزات للتعامل مع الطوارئ والإخلاء الطبي خلال العمليات البحرية، واستيعاب حمولات ومعدات ثقيلة ومساندة أمن الملاحة.
هذا وتتضمن القاعدة منصة مخصصة لهبوط المروحيات، ما يعزز قدراتها في الاستطلاع البحري ومكافحة الغواصات وتنفيذ عمليات الإمداد السريع، إضافة إلى دعم مهام الإخلاء والإنقاذ. وبفضل هذه المنصة، تعمل القاعدة كمركز عمليات متقدم قادر على إدارة مهمات بحرية وجوية متزامنة.
ويمكّن امتلاك قاعدة عائمة الأسطول من العمل لمسافات أكبر من الشواطئ، بما يعزز مرونته التشغيلية ويوسع قدرته على الانتشار في المناطق الحساسة، كما تعد هذه القواعد أداة مهمة في المهام الإنسانية، ودعم الملاحة التجارية، وإبراز الحضور البحري في المسارات الاستراتيجية.
وتعد القواعد العائمة جزءًا من منظومات الدعم البحري في العديد من القوى البحرية الكبرى، إذ تستخدم كبديل عملي للمرافئ الثابتة عندما تعمل الأساطيل في مناطق بعيدة عن الشواطئ. وقد تطورت هذه القواعد عبر العقود من سفن دعم بسيطة إلى منصات متعددة الوظائف قادرة على استيعاب المروحيات والطائرات المسيّرة، وتقديم الصيانة والإمداد وإدارة العمليات.
وتمنح هذه المنصات الأساطيل قدرة أكبر على البقاء بعيدًا عن قواعدها الأم لفترات طويلة، فضلًا عن دورها في تعزيز الاستجابة السريعة للحوادث ودعم المهام الإنسانية والعمليات الأمنية في الممرات البحرية الحساسة. ويعكس انتشار القواعد العائمة في الجيوش البحرية تقدّمًا في فلسفة إدارة العمليات البعيدة وتحولها إلى عنصر رئيسي في البنية اللوجستية للأساطيل الحديثة.
وتمثل قاعدة “كردستان” إضافة نوعية إلى البنية اللوجستية للبحرية الإيرانية، بفضل ما توفره من قدرات دعم وتشغيل واستطلاع في المسافات البعيدة، ومن خلال دمج وظائف لوجستية وطبية وجوية في منصة واحدة، تمنح القاعدة الأسطول قدرة أكبر على تنفيذ عمليات طويلة وتعزز حضوره البحري في المناطق ذات الأهمية الاستراتيجية.
المصدر: وكالات ايرانية
