الأحد   
   12 10 2025   
   19 ربيع الثاني 1447   
   بيروت 21:46

لوكورنو يواجه سباقاً مع الوقت لتشكيل حكومة قبل أزمة الموازنة

يواصل رئيس الوزراء الفرنسي المكلّف سيباستيان لوكورنو، الأحد، مشاوراته المكثفة لتشكيل حكومة جديدة في ظلّ غياب الدعم من حلفائه اليمينيين، وذلك بهدف تقديم مشروع موازنة الدولة في المهلة الدستورية المحددة، وسط أزمة سياسية متصاعدة تهدد استقرار البلاد.

وتعيش فرنسا منذ حلّ الرئيس إيمانويل ماكرون الجمعية الوطنية في حزيران/يونيو 2024 على وقع انقسام برلماني حادّ، أفرز مشهداً سياسياً مشتّتاً بين ثلاث كتل رئيسية — اليسار، الوسط، واليمين المتطرف — ما أدى إلى تعاقب أربعة رؤساء حكومات خلال فترة قصيرة، دون أن يتمكّن أي منهم من تثبيت توازن سياسي دائم.

ويُواجه لوكورنو سباقاً مع الوقت لإقرار موازنة عام 2026، إذ يمنح الدستور البرلمان مهلة لا تقل عن 70 يوماً لمناقشتها قبل نهاية كانون الأول/ديسمبر، ما يجبره على تقديمها خلال اليومين المقبلين. إلا أن غياب الرئيس ماكرون الاثنين في زيارة رسمية إلى مصر لدعم خطة الرئيس الأميركي دونالد ترامب لإنهاء الحرب في غزة قد يؤخر عقد مجلس الوزراء لاعتماد المشروع.

وتبدو مهمة لوكورنو معقدة، إذ أعلنت معظم القوى اليسارية — إلى جانب التجمع الوطني اليميني المتطرف واتحاد اليمين بقيادة إريك كوتي — رفضها منح الثقة لحكومته المرتقبة. كما أبدت الكتلة الاشتراكية التي تضم 69 نائباً، تذمّرها من مفاوضات “غير مجدية” حول مطالبها المستمرة منذ أسابيع، ملوّحة بدورها بحجب الثقة.

وكان لوكورنو قد استقال قبل أسبوع بعد 14 ساعة فقط من إعلان تشكيل حكومته الأولى، مبرراً قراره بـ”عدم توافر الظروف السياسية”، قبل أن يعيد ماكرون تكليفه مجدداً الجمعة الماضية، مؤكداً أنه سيستقيل مرة أخرى “إذا تعذّر توافق الحد الأدنى”.

ويفكر لوكورنو في تشكيل حكومة مصغّرة تقتصر على الوزارات السيادية لتسريع العملية، بعد انسحاب حلفائه من حزب الجمهوريين واتحاد الديمقراطيين والمستقلين. أما حزب “آفاق” بزعامة إدوار فيليب، فأجّل قراره بشأن المشاركة إلى حين الاطلاع على تشكيل الحكومة الجديدة.

ويعوّل رئيس الوزراء على دعم المعسكر الرئاسي وحركة “الديمقراطية” بقيادة فرنسوا بايرو، فيما أكد حزب الجمهوريين أنه سيتعامل مع الحكومة المقبلة “مشروعاً بمشروع”، ما يعني عدم انضمامه إلى جبهة إسقاطها.

وتبقى أزمة الثقة البرلمانية هي العقدة الأساسية، إذ تطالب الكتلة الاشتراكية بتنازلات كبيرة من الحكومة، أبرزها تعليق إصلاح نظام التقاعد الذي رفع سنّ التقاعد إلى 64 عاماً عام 2023، وأثار احتجاجات واسعة في البلاد.

وقال الأمين العام للحزب الاشتراكي أوليفييه فور لصحيفة لا تريبون ديمانش “تعليق الإصلاح لن يحل كل المشكلات، لكنه سيثبت حسن نية الحكومة واستعدادها لفتح صفحة جديدة”.

وردّ لوكورنو قائلاً “لا توجد صفقات خلف الكواليس، فإما أن تُحجب الثقة ويتم حلّ البرلمان، أو تُمنح الحكومة فرصة للعمل”.

ويرجّح مراقبون أن حلّ الجمعية الوطنية مجدداً يبقى خياراً مطروحاً لدى ماكرون، رغم التحذيرات من عواقبه الاقتصادية والسياسية. وتشير استطلاعات الرأي إلى أن التجمع الوطني اليميني المتطرف سيكون المستفيد الأكبر من أي انتخابات جديدة.

وقالت مارين توندولي، زعيمة حزب المدافعين عن البيئة، إن “حلّ البرلمان العام الماضي كلف الاقتصاد الفرنسي 15 مليار يورو وأدى إلى تراجع النمو بنسبة 0.5%، بينما تعليق إصلاح التقاعد سيكون أقل كلفة بكثير”.

أما النائب الاشتراكي جيروم غيدج فاعتبر أن “العودة إلى صناديق الاقتراع ممكنة، لكنها ليست مرغوبة، ويمكن تفاديها عبر توافق سياسي مسؤول”.

المصدر: أ.ف.ب.