السبت   
   27 09 2025   
   4 ربيع الثاني 1447   
   بيروت 21:16

كلمة الشيخ نعيم قاسم في الذكرى السنوية الأولى لاستشهاد السيدين ‏حسن نصر الله وهاشم صفي الدين

بسم الله الرحمن الرحيم، والحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الخلق، مولانا وحبيبنا ‏وقائدنا أبي ‏القاسم محمد، ‏وعلى آل بيته الطيبين الطاهرين، وصحبه الأبرار المنتجبين، وعلى جميع الأنبياء ‏والصالحين إلى قيام ‏يوم الدين‎. السلام عليكم ورحمة الله وبركاته‎.

أُحيي جميع الوفود والحاضرين من الدول العربية والإسلامية والأجنبية، كممثلين وكحاضرين على ‏المستوى ‏الرسمي والشعبي ‏والعلمائي، من كل الأطياف، ومن كل الحركات، ومن كل الجهات‎. ‎

كما أحيي هذا الحضور الطاهر الشريف الذي ينتشر اليوم بين مرقد سيد شهداء الأمة السيد حسن نصر الله ‌‌‏(رضوان الله تعالى ‏عليه) في الضاحية الجنوبية لبيروت، ومرقد السيد هاشم صفي الدين (رضوان الله تعالى ‏عليه) ‏في دار قانون النهر، ومقام سيد ‏شهداء المقاومة السيد عباس الموسوي في النبي شيت، رضوان الله ‏تعالى عليه‎. ‎ هذا الحشد الكبير مع كل الذين يحضرون هذه المراسم على مستوى العالم، كل التحايا لهم، وكل التبريك ‏والتعزية ‏بهذا المصاب ‏الجلل‎. ‎ سيد شهداء الأمة السيد حسن نصر الله رحل عنّا، ماذا نقول في ذكراه السنوية الأولى؟ سأتحدث عنه بثلاثة ‏أمور‎:‎

أولاً: منطلقاته‎

سيدي، رحيلك مُفجع، لكن نورك ساطع. غادرت الدنيا مكانًا فأشرقت عليها من عليائك، وأصبحت أكثر ‏حضورًا. ‏كنت القائد ‏فأصبحت الملهمة للقادة. انطلقت من الإسلام في تفاني المخلوق مع خالقه. قائدك النبي ‏الأكرم والأعظم ‏محمد صلى الله عليه وآله وسلم، وهو قائد هداية ‏البشرية‎.‎ ولاؤك للأمة الأطهار، تُمسك بحبل النجاة، تمدّه إلى الأجيال‎. ‎ ارتباطك بمدد الولاية، الإمام الخميني، قدس الله روحه الشريفة، قدوة الزمان وولي الأمر، ومع الإمام ‏الخامنئي دام ‏ظله، ‏جعلتنا نعشق القيادة ونهجها ونواليها.‏ أفقك أن نسلّم الراية إلى صاحب العصر والزمان، أرواحنا لتراب مقدمه الفداء‎.‎

جَبَلت مسيرة حزب الله بفكرك وروحك ودمك، وهي منصورة إن شاء الله تعالى‎.‌‏ “وَمَن يَتَوَلَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ ‏وَالَّذِينَ ‏آمَنُوا فَإِنَّ حِزْبَ اللَّهِ هُمُ الْغَالِبُونَ”.‌‎

الأمر الثاني: أنت حامل راية المقاومة‎ ‎

زرعت فلسطين في قلوبنا فأينع الزرع‌‏ مقاومة صلبة أبيّة. ‏فتحت زمن الانتصارات: في سنة 1993، 1996، تحرير سنة 2000، مواجهة عدوان تموز سنة 2006، ‌‏تحرير ‏الجرود سنة 2017‌‎. ‎ أنت صاحب الكلمة المشهورة: “ولّى زمن الهزائم، وجاء زمن الانتصارات”.‌‎ ‌‏ وبالفعل، نحن نعيش زمن ‌‏الانتصارات العظيمة في أنفسنا وحياتنا وعلى أعدائنا‎.‌‏ الانتصارات للمسيرة هي ثبات واستمرار، ولسالكيها ‏نصر أو ‏شهادة‎. ‌‏ أنت القائل: “إذا انتصرنا انتصرنا، وإذا استشهدنا انتصرنا‎”‎، النصر يحيط بنا من كل ‏مكان، هكذا علّمتنا‎. ‌‏ ‏سكنت القلوب فتعلّقت بك، فلم تغادرها ولن تغادرها‎. ‌‏ جذّرت مقاومة نموذجية متلألئة، ‏ونشرت أنوارها في كل ‏المنطقة والعالم، وأحدثت آثارًا بارزة، وغيرت وجه المنطقة ووجهتها‎.‌‏ امتدت هذه ‏المقاومة إلى العالم، إلى كل ‏عزيز وكريم، إلى كل صاحب ضمير حي‎.‌‏ أنت سيد شهداء الأمة والعالم، أنت ‏القائد المقاوم الأممي، تلهم الأحرار ‏في العالم‎.‌‏ لم تعد لمكان دون آخر، ولا لزمان دون آخر‎.‌‏ أنت المقاوم ‏القائد لكل مكان ولكل زمان‌‏ في حضورك ‏الجسدي، وفي حضورك مرزوق عند الله تعالى‎.‎

المقاومة التي رسّخت هي العزة والحب والأمل والنصر والمستقبل والأخلاق‎.‌‏ المقاومة التي نشرت هي ‏للمسلم ‏والمسيحي والعلماني، هي لكل إنسان على وجه الأرض‎.‌‏ المقاومة التي بنيت هي السلاح والقوة، ‏وهي المجاهد ‏والجهاد، وهي المجاهدة في أسرتها وحياتها، وهي الطفل ينمو على الشموخ، ‏وهي العائلة ‏تتزود من معين ‏الطهارة‎.‎

الأمر الثالث: نهجك خالد‎ ‎

قتلوا جسدك فتحرّرت روحك، أصبحت حيًّا دائمًا عند الله تعالى تُرزق وتُنير‎.‌‏ لن يهنأوا وأنت موجود فينا، ‏ولن ‏ينتصروا وأبناءك وأحبتك على العهد‎.‎ تجسّدت فيك مكارم الأخلاق، في النبل والشجاعة والتواضع والحنان وحسن الخلق والتسامح والبأس مع ‏الأعداء‎.‌‏ ‏النتيجة عظيمة، “وَالَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَلَن يُضِلَّ أَعْمَالَهُمْ سَيَهْدِيهِمْ وَيُصْلِحُ بَالَهُمْ وَيُدْخِلُهُمُ الْجَنَّةَ عَرَّفَهَا ‌‏لَهُمْ”، ما أنبلك وأوفاك، تُردّد دائمًا بأن أستاذك هو الأمين العام السيد عباس الموسوي (رضوان الله تعالى ‏عليه)، ‏وهو الذي تزوّدت منه وتتزوّد‎، هو القائل: “الوصية الأساس: حفظ المقاومة”.‌‎ ‌‏ حملت الشعلة من ‏يده، وأطفيت ‏عليها نور عطاءاتك. السيد عباس، رضوان الله تعالى عليه، بقي فينا حيًّا من خلالك ونهجك ‏وجهاده وعطاءاته‎.‎

أحببت الناس وأحبك الناس، يا أشرف الناس وأكرم الناس وأعظم الناس‎، السلام عليكم ورحمة الله وبركاته‎. ‎ عملت معك لثلاثة عقود ونيّف، وكنت أرى فيك القائد والمسدد والحكيم وصاحب البأس والقلب العطوف.‏ سأقول لك باسمي واسم إخواني، وهذا الجمهور المحب، وكل المنتشرين في العالم من الذين أحبوك‎:‌‏ ‌‎”‎إنا ‏على ‏العهد يا نصر الله”، نكررها ثلاثًا‎:‌‏ ‌‎”‎إنا على العهد يا نصر الله‎”.‎ تابعنا من بعد غيابك وسنتابع، نهجك مستمر، ونتابع‎.‌‏ سنكون حملة الأمانة، حملة الإسلام والمقاومة وتحرير ‌‏فلسطين‎.‌‏ إنّا على العهد مستمرون وثابتون وحاضرون للشهادة‎.‌‏ لن نترك الساح، ولن نتخلّى عن السلاح‎.‌‏ ‏وكما ‏علّمتنا: “ما تركتك يا حسين‎”‌‏.‏

التعزية والتبريك بهذه الشهادة العظيمة لصاحب العصر والزمان (عجّل الله تعالى فرجه الشريف)، وقيادة ‏الولي ‏الفقيه، والعائلة، ‏وحزب الله، وكل المحبين، إلى روحه وأرواح الشهداء وأرواح أمواتكم، نهدي ثواب ‏السورة ‏المباركة الفاتحة مع الصلاة على ‏محمد وآل محمد‎.‎

هي الذكرى السنوية الأولى للسيد الهاشمي أيضًا‎، سماحة السيد هاشم صفي الدين (رضوان الله تعالى عليه)، ‏كنت ‏يا سيد عضدًا لسيد شهداء الأمة السيد حسن نصر الله (رضوان الله ‏تعالى عليه‌‏). تشاركنا الطريق على ‏قلب رجل ‏واحد‎، مسيرتك في إدارة منطقة الجنوب، ثم رئاسة المجلس التنفيذي في حزب الله، وعضوية ‏الشورى، هي مليئة ‏بالعطاءات والتضحيات ‏والجهاد‎، وكل الوقت الذي بذلته كان في سبيل الله تعالى لإعلاء ‏كلمة الحق على طريق ‏المقاومة‎.‎

برز اهتمامك بالتربية العقائدية الرسالية، واهتمامك بالثوابت والأصول، لأنك تعلم أن البداية من القلب ‏والعقل‎، فمن ‏آمن واعتقد وارتبط بربه، وصل إلى تحقيق الأهداف‎.‎ اهتميت بالمجاهدين والتعبئة وقضاياهم، وكانت شؤون الناس حاضرة دائمًا في برامجك العملية‎.‎ ساعدت في تأمين متطلبات جبهة المواجهة ضد العدو الإسرائيلي‎.‎

يشهد لك الحقل التربوي والكشفي والعمل النسائي، ويشهد لك العمل الاجتماعي والصحي، ورعاية أبناء ‏الشهداء ‏وعوائل الشهداء ‏والإمداد، وكل المجالات التي فيها هذه الخدمة العظيمة للناس‎، هي تشهّد لعطاءاتك. ‏من كان قائده السيد حسن ومدرسته الولاية ونهجه المقاومة‎، يكون كما أنت بعزيمتك وتصميمك وتضحيتك‎.‎

غادرتنا سريعًا، لكن آثارك باقية ومستمرة، والعهد مستمر إن شاء الله‌‏ أيها السيد الهاشمي الجليل العزيز، ‏الذي ‏أعطيت وكنت عضدًا لسيد شهداء الأمة. إلى روحك وأرواح كل الشهداء وأرواح أمواتكم ‏جميعًا، نهدي ‏ثواب ‏السورة المباركة الفاتحة مع الصلاة على محمد وآل محمد‎.‎

مع سماحة سيد شهداء الأمة السيد حسن نصر الله (رضوان الله تعالى عليه)، في يوم 27 أيلول سنة 2024، ‌‏استُشهد ثلة من الإخوة ‏المجاهدين من القادة والشهداء، مع ثلة من الناس الذين كانوا في المكان‎.‎

نذكر بشكل خاص القائد الجهادي الكبير الحاج أبو الفضل علي كركي، وهو من الرعيل الأول في منطقة ‏المصيطبة ‏في بيروت‎.‎ عملنا معه قبل نشوء الحزب وبعده‎، لا يمكن الفصل بين جذوره الإيمانية الولائية والجهاد في سبيل الله ‏تعالى ‏كمقاومة إسلامية‎، هي التربية القرآنية الولائية التي دفعتك يا أبا الفضل أن تعطي كلك جهادًا بالنفس ‏والمال في كل ‏وقتك وحياتك‎.‎

من بيروت العاصمة إلى خلدة سنة 1982 في مواجهة العدو الإسرائيلي، ثم إلى الجنوب في كل ترابه‎، كل ‏تراب ‏الجنوب يعرفك في كل مكان، وتعرفك كل الحروب التي خاضها حزب الله هناك: من التحرير إلى ‌‏2006، إلى مساندة ‌‏غزة‎. ‌‏ كنت مع الاستشهاديين تهيئهم وتذهب معهم إلى آخر المطاف‎.‌‏ كنت في سوريا ‏تدعم هذه المسيرة، وشاركت ‏في كل معركة الإسناد، مع تحملك مسؤولية المعاون الجهادي لدى سماحة ‏الأمين ‏العام السيد حسن نصر الله‌‏ كبرت ‏مسؤوليتك وكنت أهلًا لها‎.‌‏ ربيت أجيالًا من القادة والمجاهدين، ‏وتركت آثارًا ستبقى الرصيد‎.‌‏ تحملت مسؤولية ‏رئيس الأركان بعد الشهيد فؤاد شكر (رضوان الله تعالى ‏عليه‌‏)، أكرمك الله تعالى بالشهادة مع من أحببت، مع سيد ‏شهداء الأمة السيد حسن (رضوان الله تعالى ‏عليه‌‏)، أرادك إلى جانبه مسؤولًا في إدارة المعركة، فتسلّمت معه ‏وسام الشهادة في أقدس وأشرف موقع ‏جهادي بصدق وإخلاص‎.‎

التعزية والتبريك للعائلة، للحزب، لكل المحبين، لكل السائرين على هذا الخط والمؤيدين له‎.‌‏ إلى روحه ‏وأرواح ‏الشهداء وأمواتكم، نهدي ثواب السورة المباركة الفاتحة مع الصلاة على محمد وآل محمد‎.‎

من حق الإخوة المجاهدين الذين استُشهدوا مع سماحة سيد شهداء الأمة السيد حسن (رضوان الله تعالى ‏عليه) ‏ومع سماحة السيد ‏الهاشمي (رضوان الله تعالى عليه)، أن نذكرهم بالإجمال، بالتبريك والتعزية، ‏وأيضًا أن نذكر ‏أسماء بعض القادة، وذلك بسبب ‏الوقت، وإن شاء الله تكون هناك تفاصيل عن حياتهم في ‏الأنشطة المختلفة التي ‏يقيمها الإخوة‎.‎

أذكر من الإخوة الأساسيين مع سيد شهداء الأمة‎:‌‏ الحاج عباس نیلفروشان، وهو قائد الحرس الإيراني من ‏حرس ‏الثورة الإسلامية المباركة، وهو في نفس ‏الموقع الجهادي، أعطى وقدّم وضحى، وهذا يدل على هذا ‏التماهي ‏الموجود بين إيران ولبنان وفلسطين في لُحمة عظيمة‎.‎

استُشهد أيضًا‎:‌‏ الحاج أبو حسن عمار، علي نايف أيوب،‎ ‎والحاج أمين عبد الأمير محمد سبليني،‌‏ والحاج ‏نبيل إبراهيم ‏حسين جزيني،‎ ‎والحاج جهاد سمير توفيق ديب،‎ ‎والحاج حسن محمد حبيب خير الدين‎.‎

أما بعض القادة الذين استُشهدوا مع السيد الهاشمي، رضوان الله تعالى عليه، فهم‎:‌‏ الحاج مرتضى (حسين ‏علي ‏هزيمة‎)‎،‌‏ والحاج عادل (علي محمد بحسون‎)‎،‎ ‎والحاج ماهر (محمود محمد شاهين)‌‎.‎

أيها الكرام، أيها الأهل، أيها الأحبة،‎ ‎هذه الباقة من الأنوار ارتفعت إلى بارئها في أسمى عطاء، وفي شهادة ‌‏عظيمة‎، هم أحياء عند ربهم يُرزقون، بحمد الله تعالى، وقد أدّوا ما عليهم‎.‌‏ إلى أرواحهم جميعًا نهدي ثواب ‏السورة ‏المباركة الفاتحة مع الصلاة على محمد وآل محمد‎.‎ مرت سنة على شهادة العظيم، وعلى شهادة العظماء،‎ ‎على شهادة الحبيب والأحبّة،‎ ‎على شهادة القائد والقادة‎.‎

لا بدّ أن تكون هناك جملة من الأمور هي أشبه بتقرير عن الوضع الذي مررنا فيه خلال سنة، ووضعنا ‏الحالي الذي ‏نحن عليه‎.‎

أولاً، ‌‎واجهنا حربًا كبيرة عالمية بالأداة الإسرائيلية، والدعم الطاغوتي الأمريكي والأوروبي الذي لم يكن له ‏حدود‎.‌‏ ‏مستوى الحرب مستوى عالمي، وكان الهدف هو إنهاء المقاومة على طريق إسرائيل الكبرى‎، إنهاء ‏المقاومة في ‏لبنان،‎ ‎وإنهاء المقاومة في فلسطين،‎ ‎وإنهاء المقاومة في كل هذه المنطقة،‎ ‎لتبقى إسرائيل كي ‏تتوسع وتأخذ ما ‏تريد‎.‎ قتل الإسرائيلي القيادات، وقام بضرب القدرة في أماكن عدة، وقام بعملية “البيجر” التي طالت حوالي أربعة ‏آلاف ‏من الإخوة ‏والأخوات والناس‎. ‎

لو حصلت هذه الأمور خلال أيام بين:‌‎17 ‎أيلول (البيجر‎)‎،‎ ‎18 ‎أيلول (اللاسلكي‎)‎،‌‎20 ‌‏ أيلول (قادة الرضوان ‏مع ‏الحاج عبد القادر – رضوان الله تعالى عليه‎)‎،‎ ‎27 ‎أيلول (قتل سماحة الأمين العام قدس سره مع مجموعة ‏من القادة ‏والشهداء‎)‎،‎ ‌‏4‌‎ ‎تشرين الأول (قتل سماحة السيد هاشم، رضوان الله تعالى عليه، مع مجموعة من ‏القادة ‏والشهداء)‌‎…‌‏ لو حصلت هذه الأمور مع ضرب القدرة، مع أي جيش، مع أي دولة، بل مع مجموعة ‏من الدول، ‏لانهارت‎، وهكذا كان يتوقع الإسرائيلي، كان يتوقع أن نسقط بهذه الضربة القاسية التي حصلت ‏على حزب الله‎.‌‏ لكننا ‏استعدنا المبادرة بحمد الله تعالى‎، انتخبنا أمينًا عامًّا جديدًا،‎ ‎رمّمنا القيادات باستبدال ‏الشهداء بقادة جدد،‎ ‎استمررنا ‏في المعركة في الميدان،‎ ‎وكان إخواننا أيضًا في المقلب الآخر يتابعون ‏موضوع النزوح والقضايا الاجتماعية‎.‌‏ هذه ‏الاستعادة للمبادرة في معركة أولي البأس استطاعت أن توقف ‏اندفاعة العدو باتفاق وقف إطلاق النار في 27 ‏تشرين الثاني‎.‎

نحن في المعركة اعتبرنا أننا خضنا معركة أولي البأس من 23 أيلول (يوم ضرب القدرة) إلى 27 تشرين ‏الثاني، ‌‏64 يومًا‎، في هذه المعركة التي ثبت فيها المجاهدون، وثبت فيها أهلنا، واستطعنا بحمد الله تعالى أن ‏نمنع تحقيق ‏الهدف الإسرائيلي بإنهاء ‏المقاومة‎.‎

بعد الاتفاق إلى الآن مرّت عشرة أشهر‎، خلال الأشهر العشرة كنا في حالة تسابق‎، العدو يسير مع من يؤيده ‌‏بسرعة من أجل تحقيق هدفه مجددًا،‎ ‎والمقاومة وشعبها وجيشها والذين يؤيدونها يسيرون أيضًا بسرعة ‏معينة ‏من أجل أن تمنع إسرائيل من تحقيق هدفها، ومن أجل أن ‏ترمّم وضعها‎.‎

إسرائيل استمرت بعدوانها، ودعمتها أمريكا، واستخدمت أمريكا كل الضغوطات السياسية التي تستطيعها ‏من أجل ‏تحقيق أهداف ‏إسرائيل بالسياسة، بعد أن عجزت أن تحققها إسرائيل بالعسكر‎.‌‏ وخلال عشرة أشهر ‏ضغوطات لا ‏تنتهي على مستوى الداخل والخارج، وعلى المستوى الدولي‎، حتى عندما يتحدث معنا بعض ‏الأوروبيين أو بعض ‏من كان من الدول الكبرى، يقول لنا‎:‌‏ “لا خيار أمامكم إلا أن تسلّموا لإسرائيل‎”‎، ولكننا ‏لم نرضخ، لم نقبل‎.‎

هم ساروا في هذا الاتجاه‎:‌‏ ضغط عسكري،‎ ‎ضغط سياسي،‎ ‎ضغط اجتماعي،‎ ‎وبكل الوسائل،‌‏ حتى تحريك ‏أدوات ‏الداخل في لبنان من أجل أن يهزموا هذه المقاومة التي استطاعت أن تقف على رجليها، واستطاعت ‏أن تواجه ‏في ‏معركة أولي البأس، وتستمر بحمد الله تعالى‎.‎

في المقابل، ماذا فعلت المقاومة بعد معركة أولي البأس؟‎ ‎هناك مشاهد دلّت على قوة هذه المقاومة وقدرتها ‏على ‏التعافي والاستمرار‎:‌‏ كان تشييع المليوني المهيب لسيد شهداء الأمة السيد حسن نصر الله (رضوان الله ‏تعالى ‏عليه)، والسيد الهاشمي (رضوان الله تعالى عليه)، ‏بحيث أقرّ الجميع بأنه أكبر تشييع حصل في لبنان ‏في التاريخ ‏حتى الآن‎.‌‏ بل إذا أردنا أن نحتسب النسبة المئوية بين عدد السكان وعدد الحاضرين في التشييع، ‏ربما يكون من ‏أعظم التشييعات التي حصلت ‏على مستوى العالم‎.‌‏ هذا مؤشر قوة والتفاف‎.‎

هناك الزحف الذي حصل من قبل أهلنا في الجنوب مباشرة إلى القرى الحدودية، يتحدون الإسرائيلي، ‏ويقيمون في ‏المكان المدمر، ‏ويصنعون المعجزة في أن يكونوا بالصدور العارية أمام الدبابات والقدرة ‏الإسرائيلية من دون ‏خوف، رجالًا ونساءً وأطفالًا‎.‌‏ هؤلاء الأعزة إلى الآن يثبتون موقعهم، يضعون ‏المستوعبات حتى يدرسوا في داخلها ‏ليبقوا هناك، يزرعون تحت الطيران ليبقوا ‏هناك، يقيمون الخيم ‏ليسكنوا بدل البيوت ليبقوا هناك‎.‌‏ هذه قوة حقيقية ‏من قبل أهلنا وشعبنا‎.‎

خضنا الانتخابات البلدية بتحالف متين وثيق بين حزب الله وحركة أمل، مع أهلنا وأحبتنا، وكان النجاح ‏عظيمًا، لفت ‏نظر الجميع: كيف ‏لهذه البيئة وهذه الجماعة أن تكون بهذا الزخم، وأن يكون هناك نجاحات ‏بالتَّزكية في أكثر من ‏نصف البلدات، كدليل على التوافق ‏والتعاون‎.‎

قمنا بحملة ترميم وإيواء ضخمة وواسعة شملت أكثر من أربعمائة ألف مسكن، وهذا يُعتبر إنجازًا ليعود ‏الناس إلى ‏بيوتهم ويتمكنوا من ‏متابعة حياتهم‎.‌‏ كل هذا باللحم الحي‎.‎ أقمنا عاشوراء، فكانت أفضل إقامة من كل السنوات السابقة: عدد الحضور، قوة التفاعل، الاستعداد ‏للتضحية، ‏استقبال أشخاص جدد إلى ‏هذه المسيرة، كلها كانت في عاشوراء‎.‎

حضور حزب الله السياسي كان بارزًا وواضحًا‌‏ بانتخاب الرئيس،‎ ‎والمشاركة في الحكومة،‎ ‎والمشاركة في ‏المجلس ‏النيابي،‎ ‎ومتابعة قضايا الناس‎.‌‏ حزب الله عَلَمٌ في بناء الدولة، وحضور قوي وواثق، لدينا حضور ‏اجتماعي مهم في ‏مساعدة الناس على المستوى الصحي ‏والتربوي والاجتماعي ومعالجة الفقر‎.‌‏ كل هذا يبرز ‏حالة تماسك عظيم مع ‏الناس‎.‎

أيضًا حصل لدينا التعافي الجهادي، ولكني لن أتحدث عن هذا الموضوع كثيرًا، سأكتفي بالقول أننا نتقدم، ‏وأننا ‏نُرمّم، وأننا حاضرون ‏لأي دفاع في مواجهة العدو الإسرائيلي‎.‎ كل هذه الإنجازات التي حصلت، وهي مستمرة ومتراكمة ومتصاعدة إن شاء الله تعالى، كانت في حالة ‏تسابق مع ‏المشروع ‏الإسرائيلي الأمريكي‎.‎

نعم، سبقناهم، واستطعنا أن نبقى في الميدان، ولم يتمكنوا من أن يحققوا الهدف بالسياسة بعد أن عجزوا ‏بالعسكر ‏المباشر وبالحرب ‏المباشرة‎.‎ هنا أريد أن أقول لهؤلاء الذين لا يقرؤون، وإذا قرأوا لا يفهمون‎، أقول لأولئك الذين يغضّون النظر عن ‏الهدف ‏الحقيقي للأمريكي والإسرائيلي من لبنان،‎ ‎أقول لأولئك الذين يعتبرون أننا نُحلّل خطأً أن يسمعوا ماذا ‏قالت أمريكا ‏بوضوح، بلسان براك، المبعوث الأمريكي إلى لبنان‌‏. قال براك‌‎:‌‏ ‌‎”‎إسرائيل لديها خمس نقاط ‏ولن تنسحب منها‎.‌‏ وقال: “إذا رغبت الحكومة اللبنانية إعادة الاستقرار، فعليها أن تعلن بوضوح بأنها ستقوم بنزع سلاح حزب ‏الله‌‏”‌‎.‎

ثلاثة: لن نتدخل – كأمريكا – لمواجهة حزب الله، سواء من خلال قواتنا أو من خلال القيادة المركزية ‏الأمريكية‎، ‏إسرائيل ستواصل ذلك – يعطي المشروعية لإسرائيل حتى تستمر في القتال‎.‎
أربعة: لا نريد تسليح الجيش ليقاتلوا إسرائيل‌‎.‌‏ إذًا، هل نسلحهم ليقاتلوا شعبهم؟ أي حزب الله؟‎ ‎حزب الله ‏عدونا، ‏وإيران عدوتنا‎، نحن بحاجة إلى قطع رؤوس هذه الأفاعي ومنع تمويلها‎، هذه الطريقة الوحيدة لوقف ‏حزب الله‎.”‎

ماذا تريدون بعد؟ تصريح أكثر من هذا من الأمريكان؟‎ ‎يقولون يريدون أن ينزعوا قوة الحزب، يعني ‏يريدون أن ‏ينزعوا قوة لبنان‎، وإسرائيل لن تنسحب‎، ونتنياهو يقول: “أنا أريد إسرائيل الكبرى‎”‌‏. وبالتالي ‏يريدون أن يسلّحوا ‏الجيش فقط بهدف أن يقاتل حزب الله‎.‌‏ أتريدون أكثر من هكذا تصريح بأن أمريكا تريد ‏أن تنهي لبنان وتجعله ملحقًا ‏بالكيان الإسرائيلي؟

من البداية الصورة واضحة بالنسبة إلينا، لكن بعد كلام براك صارت أوضح بكثير،‎ ‎وأيضًا نستطيع أن ‏نضعها برسم ‏أولئك الذين يشكّكون بالأهداف الأمريكية‎.‎

ثانيًا: سأتحدث عن رؤيتنا كحزب الله بسبع نقاط‌‎:‎

أولًا، نحن نعتبر أن الخطر الإسرائيلي الأمريكي على لبنان هو خطر وجودي على المقاومة وعلى لبنان‎.‎

ثانيًا، نزع السلاح يعني نزع القوة، تلبية لمطلب إسرائيل ولتحقيق أهدافها‎.‎

ثالثًا، لن نسمح بنزع السلاح، وسنواجه مواجهة كربلائية، لأننا في معركة وجودية، وبإمكاننا تحقيق هذه ‌‏المواجهة إن شاء الله‎.‎

رابعًا، المشكلة إسرائيل، هي لن تسمح باستقرار لبنان، ونحن نرفض أي مشروع يصب في خدمة إسرائيل ‏ولو ‏أُلقي عليه اللبوس الوطني‎.‌‏ أصبح واضحًا: لبنان نفّذ ما عليه من القرار 1701، فلتنفّذ إسرائيل‎.‎

خامسًا، الحكومة اللبنانية مسؤولة عن تحقيق الأولويات الأربعة جنبًا إلى جنب‎:‌‏ إيقاف العدوان، انسحاب ‏إسرائيل، ‏إطلاق صراح الأسرى، إطلاق عجلة الإعمار‎.‌‏ فلتقم الحكومة بواجبها بدل أن تتلهى بأمور جانبية ‏قشرية لا قيمة ‏لها‎. ‎

فلتقم الحكومة بواجبها، وخاصة بإعادة الإعمار، وأن تضع في الموازنة موازنة للإعمار، مهما كانت قليلة ‏ومهما ‏كانت بسيطة‎.‌‏ يجب أن تفتح الباب وأن تنطلق، وبعدها من خلال التبرعات ومن خلال الدول ومن ‏خلال وسائل ‏مختلفة نستطيع أن نحقق ‏الإعمار‎.‌‏ ‏

وهنا على الحكومة أن تضع بند السيادة الوطنية على رأس جدول أعمالها، وأن تسعى لتحقيقها‎، ولا سيادة ‏وطنية ‏ما دامت إسرائيل تحتل شبرًا واحدًا من الأرض وتعتدي علينا ليل نهار‎.‌‏ السيادة الوطنية هي بمنع ‏إسرائيل من ‏البقاء في لبنان، ونشر الجيش اللبناني إلى الحدود، ومنع إسرائيل من العدوان أو الاحتلال ‏بأي ‏طريقة من الطرق‎.‎

سادسًا، لبنان واحد لجميع أبنائه. نحن نحرص على الوحدة الوطنية الداخلية، لكن هناك عنوان أساس، وهو ‏أن ‏نكون في خندق واحد في مواجهة ‏العدو الإسرائيلي‎.‌‏ ونحن حاضرون ونعمل من أجل نهضة لبنان في كل ‏المجالات‎.‎

سابعًا، ‌‎يجب أن يكون لبنان قويًّا، والمقاومة أساس في قوته، نترجم الاستفادة منها في استراتيجية الأمن ‏الوطني‎.‎ هنا قد يسأل سائل‎:‌‏ هذه النقاط السبع، كيف يمكن أن نترجمها بخطوات عملية؟‌‏ سأذكر أربع خطوات عملية‎:‎

أولًا، يجب ألا نخضع للتهديدات بالعدوان، بل أن نواجهه بالدفاع لا بالاستسلام‎.‎

ثانيًا، يجب ألا نخضع للتهديد بالحرمان من المساعدات، بل نواجه هذا التهديد بالاعتماد على إمكاناتنا، ‏وبمواجهة ‏الفساد في الداخل لنفسح ‏المجال أمام انتظام المؤسسات، وأمام توجيه القدرات إلى الداخل‎.‎

ثالثًا، ندعو إلى تطبيق اتفاق الطائف الذي يقول‎:‌‏ تحرير لبنان من الاحتلال الإسرائيلي، اتخاذ كافة ‏الإجراءات اللازمة ‏لتحرير جميع الأراضي اللبنانية من الاحتلال ‏الإسرائيلي، وبسط سيادة الدولة على ‏جميع أراضيها، ونشر الجيش ‏اللبناني في منطقة الحدود اللبنانية المعترف بها دوليًّا‎.‎

إذًا واضح أن المطلوب أولًا أن نحقق التحرير بكافة الإجراءات، بما فيها الاستعانة بالمقاومة، فضلًا عن ‏الدور ‏الأساس الذي يقوم ‏به الجيش اللبناني‎.‎ اليوم عندنا بعض النقاط في اتفاق الطائف‎، هذه يجب أن نقوم بالعمل لتنفيذها‎.‎

كفى تأخير لإصلاحات الطائف‌‏ ‌‎35‌‏ سنة، نحن نطالب بأن نطبق المادة السابعة من البند الثاني في اتفاق ‏الطائف‎:‌‏ ‌‌‎”‎مع انتخاب أول مجلس نواب على أساس وطني لا طائفي، ومع استحداث مجلس للشيوخ تتمثل ‏فيه جميع ‏العائلات الروحية، ‏وتنحصر صلاحياته في القضايا المصيرية‎.”‎

دعونا نعمل مجلس الشيوخ، ونعمل انتخابات على أساس إلغاء القيد الطائفي‎، وهو مجمد منذ 35 سنة ولا ‏يُعمل ‏به.‏ نحن ندعو بالمناسبة إلى إجراء الانتخابات النيابية القادمة في موعدها وفق القانون الحالي، حتى لا نضيع ‏هذه ‏الانتخابات‎.‎

‏35 سنة وهذا لم نقم به بعد، ويأتي من يفسّر اتفاق الطائف بعد 34 سنة من التفسير أنّ “كافة الإجراءات ‌‏للمواجهة” تعني ‏أن المقاومة جزء لا يتجزأ من المواجهة‎، بعد تفسير 34 سنة أن المقاومة جزء‎، يأتي ‏شخص في ‏آخر هذا الزمن يقول: “لا، نحن لا نقبل المقاومة، وتفسير الطائف مختلف‎!”‌‏ أي 34 سنة ‏التفسير غلط؟‎!‌‏ والآن ‏التفسير أصبح صحيحًا أيتها الحكومة اللبنانية؟!، اذهبوا وطبقوا الذي أصبح له 35 ‏سنة لا يُطبّق، لا تذهبوا للذي ‏يُطبّق بشكل صحيح 34 سنة وتعتبره مخالف، ارتكبتم خطيئة في الحكومة ‏عندما قررتم نزع سلاح المقاومة‎، ‏صحّحوا هذه الخطيئة حتى يوفقكم الله على الأقل، حتى تستطيعوا العمل ‏بشكل وحدوي نستطيع من خلاله أن نحقق ‏الأهداف‎.‎

رابعًا، نبني بلدنا معًا، وهو لنا جميعًا‎.‌‏ بعض الذين يقبلون وطنًا يلغي شركاءهم ويقتلهم بيد أعدائهم، حالمون ‌‏وواهمون‎، هم يثقبون السفينة من ناحيتهم، لكنها ستغرق بالجميع‎.‎ هذه سفينة، لا يستطيع شخص أن يأتي ويثقبها من محل ويعتبر أنه يعمل ما يريد، لا، هذه السفينة تغرق ‏بالجميع‎، ‏يجب أن نكون معًا حتى نحمي هذا البلد‎.‎

يريدون من الجيش اللبناني مقاتلة أهله، نحن نشد على أيدي الجيش اللبناني لمواجهة العدو الحقيقي، ‏والوقوف إلى ‏جانب أهله وشعبه، ونحن معه دائمًا إن شاء الله‎.‎

ننتقل إلى قضية أساسية، وهي القضية المركزية‌‏. قضية فلسطين هي القضية المركزية، والعدو الإسرائيلي ‏هو ‏الخطر المركزي على الجميع‎.‌‏ اليوم تحصل الإبادة في فلسطين من أجل إنهاء القضية الفلسطينية، تمهيدًا ‏لإنهاء كل ‏المنطقة‎.‌‏ في مقابلها نجد هذه الشجاعة العظيمة والثبات الكبير للشعب الفلسطيني، للمقاومة ‏الفلسطينية، لكل ‏الأطراف، للأطفال، للنساء‎.‎

هؤلاء عظماء في غزة، هؤلاء عظماء في فلسطين، لأنهم يواجهون نيابة عن العالم، وليس عن فلسطين ‏فقط‎، يجب ‏أن يكون العالم معهم‌‏ للأسف، هم متروكون وحدهم‎.‎

اليوم إذا وقف الشعب الفلسطيني وحده، مع بعض المساعدات من محور المقاومة، من دون إمكانات، ‏واستطاع أن ‏يوقف ‏مشروع إسرائيل، سنتين إسرائيل لم تستطع أن تتقدم بمشروعها، سنتين لم تستطع، ‏كيف إذا تكاتفنا، وإذا ‏تعاونّا؟‌‏ تعالوا نتكاتف ونتعاون، أنظمة وشعوبًا ومقاومة‎.‎

هنا لا بدّ أن نحيي بشكل واضح النموذج الشريف المقاوم والنبيل الذي رأيناه على مستوى محور المقاومة‎:‎

نحيي إيران، الجمهورية الإسلامية الإيرانية‎.‎

نحيي القائد الإمام الخامنئي (دام ظله)، هذا الرجل الشجاع الرسالي الذي ضخ الأمل في الأمة، وقدم كل ‏أشكال ‏الدعم لفلسطين‎.‎

نحيي الشعب الإيراني، وحرس الثورة الإسلامية، والقوى الأمنية، والحكومة، وكل إيران، لأنهم بدعمهم ‏جعلوا هذه ‏المقاومة تقف ‏وتصمد، وإن شاء الله ستنتصر‌‎.‎

نحيي أيضًا اليمن الشريف العظيم، بمظاهراته المليونية، باستعداده لدفع الثمن، والإصرار على الاستمرار ‏في منع ‏إسرائيل في البحر، ‏وفي ضرب الصواريخ على داخل الكيان الإسرائيلي نصرة لغزة، وتحمل كل ‏الأعباء‎.‎

نحيي قيادة اليمن، وشعب اليمن، والقوى المسلحة في اليمن، هذه القيادة الملهمة المتماهية مع شعبها التي ‏تدفع ‏الأثمان من أجل العزة ‏والكرامة والمقاومة‎.‎

تحية إلى العراق، العراق المرجعية الشريفة، وأخص بالذكر آية الله العظمى السيد السيستاني (دام ظله)، ‏والحشد ‏الشعبي، والعلماء، والشعب ‏العراقي، والحكومة العراقية، وكل هذه الأمة العظيمة، لأنهم في الواقع ‏كانوا سندًا ‏ودعمًا دائمًا في كل المجالات‎.‎

أما لبنان، لبنان العزيز، فهو الشعلة العظيمة التي أثّرت أثرها‎.‎ أحيي لبنان بكل مقاومته، وعلى رأسها الإمام موسى الصدر أعاده الله سالمًا ورفيقه، إمام المقاومة الذي بث ‏فينا ‏هذه الروح، ‏وأطلق المقاومة‎، مقاومة أطلقها الإمام الصدر لا يمكن إلا أن تستمر مع دماء سيد شهداء ‏المقاومة ‏السيد حسن نصر الله وكل المجاهدين والشرفاء‎.‎

وهنا التحية موصولة إلى حركة أمل بقيادتها دولة الرئيس نبيه بري، وكل الناس والمقاومين والمسعفين ‌‌‏والمجاهدين والشعب، بصراحة في الجنوب وفي البقاع وفي الضاحية وفي الجبل وفي كل مكان وفي ‏بيروت‎، لا ‏يوجد فرق بين حركة أمل وحزب الله وكل المقاومين الشرفاء وكل العوائل‎.‌‏ نحن واحد في ‏الميدان‎.‎

كل هذا الشعب على اختلاف انتماءاته الذي أعطى للمقاومة، هو شريف‌‏ نحن نحييه‎.‎ نحيي كل القوى السياسية والعسكرية التي عملت إلى جانب المقاومة‎.‌‏ هذا العدوان الإسرائيلي لن يحقق ‏أهدافه مع ‏هؤلاء الشرفاء في الأرض وفي المواجهة‎.‎ هنا أيضًا لا بد أن نحيي تونس، لأنها تميّزت بتضامنها الشعبي الواسع وقواها السياسية المختلفة‎.‎ ونحيي أيضًا الحراك العالمي لنصرة فلسطين، وأسطول الصمود، وكل الشعوب الذين قاموا وتظاهروا ‏وعملوا‎.‎

أريد هنا أن أختم بتخصيص لجمهور المقاومة‎:‎ أخص جمهور المقاومة – أقصد بجمهور المقاومة شعب المقاومة، بيئة المقاومة، المناصرون للمقاومة في ‏لبنان ‏وفلسطين ‏والمنطقة‎ ‌‏- أخص جمهور المقاومة بصورته العظيمة وحضوره الميداني،‎ ‎أخص الرجال ‏والنساء ‏والأطفال،‎ ‎بل أتجاوز لأقول أخص الأجنة في الأرحام،‌‏ وكذلك جرحى “البيجر” والجرحى ‏والشهداء والعوائل ‏والأسرى،‎ ‎وكل هؤلاء الذين شكّلوا البنية الحقيقية للمقاومة‎.‎

نحن أمام عائلة لبنانية حياتها مقاومة، من طفلها إلى شيخها، الرجل والمرأة‎.‎ نحن أمام عائلة لبنانية حياتها مقاومة، رايتها مقاومة، زرعها مقاومة، وحصادها مقاومة‎.‎

أقول لكم‎:‌‏ هذه الأرض التي روتها دماء أبناءكم،‎ ‎هذه الأرض التي رُويت بهذه الدماء العظيمة،‌‏ ستطرد ‏الصهاينة ‏والأعداء،‌‏ ولن تكون إلا لأهلها‎، هذه أرض لا يمكن أن تكون إلا لأهلها بإذن الله تعالى‎.‎

يا جمهور المقاومة،‎ ‎يضعونكم تحت الضغط بالاعتداءات والتهديدات،‎ ‎يضيقون عليكم بالإعمار وبعض ‏السياسات ‏الخاطئة للحكومة،‎ ‎ولكننا نعرفكم‎، أنتم أبناء السيد حسن،‎ ‎أنتم أبناء العزة والشرف،‎ ‎أنتم قدّمتم ‏التضحيات الغالية ‏جدًّا،‎ ‎أعطيتم النموذج في الإباء والعطاءات،‎ ‎أنتم أبناء من أعطى روحه وجسده ودمه ‏وعطاءاته قربة إلى الله ‏تعالى،‎ ‎من سماحة السيد (رضوان الله تعالى عليه) إلى كل الشهداء‎.‎

من يراكم وأنتم تحتفلون أو تجتمعون أو تصرّحون أو تقولون أو تكتبون،‎ ‎يشعر أنه أمامه شعلة نور هي ‏المقاومة ‏متجذّرة من الرأس إلى أخمص القدمين،‎ ‎من العقل إلى القلب،‎ ‎من الجسد إلى الروح‎، من سيهزمكم؟‎ ‎لا أحد يمكن أن ‏يهزمكم في هذا العالم‎.‌‏ نحن واثقون بأننا معًا سننتصر، وسنري الأعداء هزيمة مشروعه إن ‏شاء الله تعالى‎.‎

في هذا العام رفعنا شعار‎: “‎إنا على العهد‎”‎،‎ ‎وهو مكرّر عن شعار العام الماضي عند الشهادة: “‌‎إنا على ‏العهد‌‏”، ‏لماذا؟‎ ‎لأن العهد لا يتوقّف، فسنبقى على العهد‎.‌‏ ‌‎”‎إنا على العهد” أي نحن مستمرون‎، ‌‎”‎إنا على ‏العهد” أي يا سيد ‏حسن، هناك قيادات ستستمر على نهجك، وهناك شعب سيستمر على هذه الرؤى التي ‏رسمتها‎.‌‏ ‌‎”‎إنا على العهد” ‏نجددها ثلاث مرات لنؤكد للعالم‎:‌‏ ‌‎”‎إنا على العهد‎”‌‏.‏ والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته‎.‎

المصدر: العلاقات الاعلامية